– موقع عدالة وتحرر
في بداية العام الدراسي 2014/2015 نفذ المعلمون إضرابا واسعا، انتهى للوصول إلى ما يعرف بمذكرة تفاهمات مع الحكومة لتنفيذ مطالب المعلمين، وكان من ضمنها علاوة الطبشورة، وهي ما تعادل علاوة ال50% التي يطالب بها المعلمون اليوم، هذا يعني أن مطالب المعلمين التي تطرح اليوم هي نتاج تأخر الحكومات المتعاقبة في تنفيذ وعودها تجاه المعلمين ونقابتهم!
ما نشأ عن “أزمة التفاهمات” كان أكبر من مجرد تنكر حكومي لمطالب المعلمين، فقد امتد نحو حصول شرخ في جسد النقابة الوليدة، مما سهل الطريق أمام وصول مجلس نقابة تابع للحكومة والأجهزة الأمنية، ساهم في تجميد أي مطالبات لمجتمع المعلمين، لا بل وساهم في اقرار العديد من القوانين الخلافية كالمسار المهني وغيره، قبل أن يكتشف المعلمون الخديعة ويقصوا رجالات هذا المجلس ويأخذ الحراكيون زمام المبادرة هذه المرة.
تخفيض رواتب المعلمين مستمر منذ عام 2014!
العلاوة الأخيرة التي تحصل عليها المعلمون تعود للعام 2013، والتي بموجبها وصلت علاوة التعليم أو علاوة المهنة لديهم إلى 100%، وهي بالمناسبة مقرة منذ عام 1994 ولكنها مجمدة بفعل تغول وزارة خالد طوقان العابرة للحكومات، وهي لم تحصل إلا بعد ضغط حراك المعلمين الذي سبق حتى تأسيس النقابة “استعادتها من جديد”.
تثبيت رواتب المعلمين ومنع أي زيادة عنهم منذ 6 سنوات، تعني بالضرورة حصول انخفاض في قيمة رواتبهم هذه، خصوصا في ظل تضخم يزداد يوما بعد يوم، مما يخفض من القيمة الشرائية للدينار ويحمل المعلمين كغيرهم من المواطنين لأعباء لا يمكن للرواتب الهزيلة التي يتقاضونها أن تتحملها.
الحكومة التي تنساق لنهج النظام السياسي كغيرها من سابقاتها، تتبع قيود المؤسسات الاقتصادية الامبريالية كصندوق النقد، فنراها تستبق الأحداث بكلام مكرور حول ضعف امكانياتها وسوء الوضع الاقتصادي، وتطالب المعلمين كما تطالب كل الفئات الكادحة والمهمشة بتحمل أعباء اخفاقات برامجها التي يخطها صندوق النقد، ولا تلتفت إلى أي فوائد لزيادة الرواتب من زيادة على طلب السلع والخدمات أو تنشيط الاقتصاد ونموه!
التعليم كمهنة طاردة
يطالب الليبراليون يوما بعد يوم بترشيق القطاع العام وإزالة أشكال الترهل التي تحمل الخزينة مصاريف طائلة، فتهب الحكومة لفرض قيود وقوانين جديدة مهنة التعليم التي تعاني شحا واضحا في أعداد المنتسبين، مما يجبر وزارة التربية والتعليم على الاستعانة بالتعليم الإضافي، سواء عبر متقاعدي التربية أو عبر كفاءات غير مؤهلة لتغطية النقص بالشكل المطلوب، هنا لا تلتفت الحكومات “العابرة للوطن” إلى تحول التعليم إلى مهنة طاردة، بالنظر إلى ضعف الرواتب بالمقارنة بالمؤسسات المستقلة مثلا، وغياب التشريعات المحفزة على الانخراط في المهنة ومزاولتها!
هنا لا يجد المعلمون بداً من الدفاع عن أقوات أبناءهم التي تتقلص يوما بعد يوم، لينضموا إلى قافلة المطالبين بتغيير النهج الاقتصادي والسياسي الذي تدار به الدولة منذ قرن، مورثة أزماتها وموسعة إياها لتشمل فئات أكثر فأكثر وقواعد اجتماعية أكبر فأكبر من الأردنيين!