– موقع عدالة وتحرر
اعتقالات وقمع ومنع للتظاهر وإغلاق للطرق، هذه هي حلول السلطة الحاكمة لمواجهة مشاكل الفقر والبطالة وتراجع النمو الاقتصادي وغياب الأفق السياسي في ظل إجهاض أي تحول نحو الديموقراطية! كل هذا والسلطة ما تزال تكرر ذاتها سياسات ونهجاً، وتتوقع بعدها نتائج مغايرة!.
معتقلو حراك بني حسن
بني حسن القبيلة الأكبر في الأردن، التي نشط عدد كبير من أبنائها مؤخرًا في الحراك الشعبي، فدفعوا ضريبة نشرهم الاحتجاج في معاقل كانت السلطة تعدها مخزون موالاتها الأهم، متناسية التهميش وغياب التنمية وارتفاع نسب البطالة التي طالت أبناء هذه القبيلة، مثلهم مثل السواد الأعظم لشعبنا المفقر والمقموع والمصادرة حرياته العامة.
الاحتجاجات التي تجددت في منطقة عوجان بعد اعتقال دفعة جديدة من حراك القبيلة، أجج مشاعر الغضب تجاه السلطة وجعل قوافل جديدة من المهمشين تنضم إلى المحتجين، مع سقوف مرتفعة تلتهب مع كل قمع تمارسه السلطة بكل غباء. قد تكون هذه الفئة من الحراك مفتقدة لخبرة التعاطي مع السلطة ومندفعة في مواجهتها، لكن هذا الأمر حري به أن يدفع السلطة لاحتواء الحراك واستيعابه في إطار التحرك الوطني العام ضد الفقر والفساد والاستبداد، لا قمعه وخلق بؤر احتجاج لإثبات شيء لم يعد موجوداً لدى بني حسن وغيرهم من عشائر الأردن. لم تعد ديباجة الولاء المفرغ من مضمونه الوطني تنطلي على أحد من المهمشين والمقموعين، خصوصاً والدولة تخسر كل رصيدها لديهم بعد التحولات النيوليبرالية في بنيتها الأفقية، والتي حتمت انسحاب الدولة من دورها في الرعاية الاجتماعية، وتركت الناس نهباً لجشع السوق وارتزاق الكمبرادور، الذي تسهل الأعمال أمامه عبر إجراءات التحفيز الاقتصادي التي تحمل تبعاتها للمواطن الكادح!.
مؤيد المجالي
صحيح أن المحامي مؤيد المجالي فرد من ضمن عشرات معتقلي الرأي (والرقم ضئيل بالنسبة لرئيس مجلس أمناء المجلس الوطني لحقوق الانسان) لكن لقضيته خصوصية تنتهك أي إمكانية لتطوير حق المواطن الأردني في التعبير عن رأيه، فمؤيد الموظف في وزارة العدل والباحث القانوني يمكث رهن الإيقاف الإداري لتوجيهه أسئلة في إطار اختصاصه المهني ونشاطه البحثي، ليجد نفسه يواجه تهمة إطالة اللسان على الملك، رغم عدم وجود أي قرينة لدى ادعاء السلطة، الذي يقيد حريته فقط ليجعل حتى توجيه السؤال القانوني لرأس السلطة خرقاً للقانون!.
نعود ونأكد لهذه السلطة أن اعتماد أدوات ماضي الخنوع والخضوع هو ضرب من مخاتلة الذات، فلا يمكن للشعب الذي أنهك قمعًا وفقرًا وتغييبًا لدور الدولة الفعلي أن يعود إلى رد الفعل السلبي تجاه ما يتهدد مصالحه وطموحاته في حياة كريمة. مؤيد المجالي وجيش المحامين الذي تبرع للدفاع عنه يرسل رسالة واضحة للسلطة، بأن للمواطن حقوق دستورية لا يريد أن يتخلى عنها بعد اليوم، وأن تكييف التهم لتمرير الشكل القمعي البائد قد ولى إلى غير رجعة.
إطلاق سراح معتقلي الرأي جميعا واجب وطني!
لا يمكن الاستمرار في هذا النهج الاستبدادي، هذا هو الاستنتاج الذي على السلطة استيعابه اليوم، ونحن نعيش موجة احتجاجية ناهضة تمتد على نطاق واسع في المحيط العربي. لا شعوب مدجنة بعد اليوم ولا تخويف ولا قمع سيجدي نفعاً مع أناس لم يعد لديهم ما يخسرونه، سوى كرامتهم وإحساسهم بإنسانيتهم التي تدعوهم للانتفاض في وجه القمع ومصادرة الحرية والأمل بمستقبل أفضل.