– موقع عدالة وتحرر
في خضمّ تحقيق المدعي العام مع الدكتور سعيد ذياب الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية تعرض ذياب لوعكة صحية ادخلته المستشفى وخضوعه لعملية جراحية. ذياب كان قد أوقف من قبل المدعي العام إثر استدعائه من قبل وحدة الجرائم الالكترونية، بناءً على مقالٍ كان قد كتبه في ذكرى الاستقلال، يطالب فيه -كما تطالب جلّ القوى الوطنية- بالانعتاق من التبعية لقوى الاستعمار الجديد، مثلما يطالب بالتصدي للمخططات الصهيونية.
يأتي اعتقال ذياب أحد أقطاب التجمع الوطني للتغيير، في إطار تصعيدٍ جديدٍ تمارسه النخبة الحاكمة، كخطوةٍ استباقيةٍ لأي تحركاتٍ جماهيريةٍ منتفضةٍ ضد تعاطي هذه النخبة مع جائحة كورونا، حيث حمّلت السواد الأعظم المفقر من الأردنيين فاتورة هذه الجائحة. هنا لا تكترث هذه النخبة بأي ظروفٍ صحيةٍ تفرضها الجائحة، حيث لا تأبه بإمكانية تعريض ذياب وسواه -كما سنلاحظ تاليًا- لأي آثارٍ صحيةٍ، ناهيك عن استغلالها للجائحة للتّفرد بساحة الفعل السياسي، وقمع كل الخصوم بالتالي.
قبل ذياب شهدنا اعتقالًا هوليوديًا للنائب السابق سليم البطاينة، مع إذلال ابنه عبر تعريته وتوجيه الإهانات إليه، قبل أن يتمّ اعتقال النائب السابق احمد عويدي العبادي بطريقةٍ مستفزّةٍ هو الآخر، مع عدم وضع أي اعتباراتٍ لكبر سنّه واعتلال صحته، التي تعرّضه لأخطار متعاظمةٍ في ظل وباءٍ عالميٍ فريدٍ من نوعه، ناهيك عن استفزاز هذا الاعتقال لقواعد العبادي، التي تحركت مباشرةٍ ونزلت إلى الشارع رفضًا لسياسة القبضة الأمنية، التي تحرّكها العقلية العرفية لحكومة الليبرالي المتطرّف الرزاز، الخادم الوفي لمصالح النخبة الحاكمة.
بعيدًا عن هذه الأسماء السياسية الوازنة، يظهر اسم الناشط من أجل حقوق الحيوانات علي صرصور، الذي يدخل إضرابه عن الطعام يومه السابع، على الرغم من إصابته بأمراضٍ متعددةٍ كمرض الكلى والروماتيزم، احتجاجًا على الحكم بحبسه سنةً كاملةً بتهمة إطالة اللسان، كلّ هذا يحصل لهذا الشاب المسالم فقط لأنّ هذه النخبة الحاكمة ما تزال تظنّ أنّها لا تمسّ، وما تزال تعتقد بتفوقها الطبقي على عامة الشعب، وهي في سبيل ذلك ما تزال تفرض أحكامًا مبنيةً على تهمٍ قروسطيةٍ كإطالة اللسان!
كلّ تلك الرطانة المدّعية الحفاظ على صحة المجتمع ووقاية الناس من أخطار الوباء، تسقط اليوم في ظلّ ممارسات السلطة الوحشية، بحقّ هؤلاء المعتقلين وسواهم من المرضى وكبار السنّ، حيث تعرضهم لمخاطر جمةً وتحاول التنكيل بهم، فقط لأنهم يمارسون العمل العام ومن ضمنه السياسي، الذي تتشدّق الحكومة بحرصها على انخراط الأردنيين فيه وتشجيعها لذلك، في إطار ادعاءاتٍ منافقةٍ تفتضحها كلّ يومٍ هذه الممارسات العرفية.
إنّ ما تقوم به السلطة اليوم من خطواتٍ استباقيةٍ لا يدلل سوى على ضعفها وانفصالها عن الواقع الاجتماعي، حيث يصارع النّاس لتأمين قوت عيالهم بفعل إخفاقات الحكومة في معالجة آثار الأزمة، وانحيازها لحماية مصالح حلفائها الرأسماليين، وهي بقيامها بهذه الخطوات قد تسرّع بوقوع الانفجار الاجتماعي المتوقع من حيث لا تدري.