– موقع عدالة وتحرر
بعد آلافٍ من الضحايا وأكثر من ربع مليون إصابةٍ بفيروس كورونا المستجدّ، وبعد إخفاقٍ منقطع النظير وإهمالٍ يصل حد الإجرام، تعود العصابة من خلال واجهةٍ حكومية جديدةٍ لتضرب ممثل الشعب «نقابة المعلمين» عبر موجةٍ جديدةٍ من الإحالات على التقاعد والاستيداع التي استهدفت هذه المرة أربعة من أعضاء مجلس النقابة، بالإضافة إلى عددٍ من الرموز النقابية والقيادية في صفوف المعلمين.
عصابةٌ متوحشة
بعد انكشاف النموذج الأردني، الذي سعت العصابة (التحالف الطبقي الفاسد) للترويج له باعتباره نموذجًا يحتذى في التصدي لجائحة كورونا، تكشّف -بالتوازي مع سقوط النموذج- الكثير من التوحّش الذي ميز نهج هذه العصابة، ومكنها من توظيف الجائحة لتمرير قراراتٍ صادمةٍ أسهمت في إضعاف القوى والمؤسسات الديموقراطية، ناهيك عن السطو على أموال الأردنيين، رواتبهم، ومدّخراتهم في الضمان الاجتماعي.
لا فارق هنا بين توحّش حكومة
الليبراليين (حكومة الرزاز) والحكومة التي تلتها، فنهج العصابة المتوحّش ثابت وما
هذه الحكومات سوى منفّذٍ lلإرادتها بما هي جزء أساسٌ منها. وهي إذ تستغلّ
الجائحة للانتقام من نقابة المعلمين التي شقّت عصا الطاعة، وللانتقام من السواد
الأعظم المساند لها من المجتمع، تكشّر عن أنيابها وتتجاوز كل حدودٍ كانت قد وضعت
سابقًا من قبل مؤسسات وقوى الحكم، عبر منازعة النّاس والنقابيين والناشطين في
أرزاقهم. كلّ هذا دفاعًا عن مصالح التحالف الطبقي الفاسد، وسعيًا لكسر شوكة الشعب
وإجهاض أي تفكيرٍ لديه نحو تمثيلٍ ديموقراطيٍ حقيقيٍ لمصالحه.
منظومة فسادٍ ومحسوبية
لطالما تشكّلت النخبة الحاكمة ممّن يعلن ولاءه وانتماءه لنظام الحكم، مع التّشدّق بعبارات الوطنية الجوفاء التي تتّخذ مطيةً للغرف من معين الفساد الذي لا ينضب لدينا، ولكنّ ما استجدّ بعد تحكّم العصابة بكل المقاليد هو تأسيس نادٍ للمحسوبية يقوم بتنفيذ المهام القذرة نيابة عنها، مقابل توزيع المكافآت والمناصب على نادي المحسوبية هذا في تهيئةٍ لأعضائه نحو الانتساب لنادي الفساد لاحقًا.
في قضية نقابة المعلمين،
التي بدأت منذ تشكّل التحالف الوطني الذي يقودها بزعامة الراحل أحمد الحجايا، فإنّ
دور نادي المحسوبية كان حاسمًا في تأدية كلّ العمل القذر بالنيابة عن العصابة، عبر
إيقاف عمل النقابة واعتقال الآلاف من المعلمين ومن ثم موجة التوحّش الأخيرة
المتمثّلة بالإحالات على التقاعد والاستيداع، مع تسريب أخبارٍ تتحدّث عن حل
النقابة.
ما العمل؟
على الرغم من سلبية موقف مجلس نقابة المعلمين بعد خروجهم من المعتقل، واكتفائهم بالاستعراض والاجتماعات والبيانات الإعلامية، فإنّ ما حصل مؤخرًا يحتّم عليهم، وعلى كل القوى الوطنية، الشروع في نضالٍ وطنيٍ واضح المعالم يتصدى للعصابة ونهجها، ويحملها كامل المسؤولية عن كل ما جرى خلال هذا العام من إجرامٍ في فشل التصدّي للجائحة، والذي صاحبه إجرامٌ في سحق رغبة النّاس في الدفاع عن إرادتهم، عبر مؤسساتٍ تمثّلهم وترعى مصالحهم، بعيدًا عن الانتخابات الصورية التي لطالما اعتادت العصابة على تنظيمها لإرضاء المانحين وإشاعة الوهم بالديموقراطية.
هنا لا يمكن الارتكان لمبادراتٍ سخيفةٍ لحل قضية نقابة المعلمين، كالتي كان يقوم بها مركز حقوق الإنسان، المتواطئ مع العصابة، وسواه، بل إنّ أيّ تحركٍ عليه أن يكون معبرًا تمامًا عن تضاده مع العصابة ومعريًا لكل ما قامت به خلال عام الجائحة المنصرم دون مهادنةٍ أو تسويف، خصوصًا والعصابة تهدد النقابة بإهدارٍ كل النّضال الذي خاضه المعلمون، ومعهم كل القوى الوطنية، لإحيائها.