– موقع عدالة وتحرر
«قرار المشاركة في غزو العراق كان صحيحًا وأتحمل مسؤوليته، والعالم أفضل دون صدام حسين».
كان هذا هو رد فعل توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا من 1997-2007، على الحقائق التي أظهرها تقرير تشيلكوت عام 2016، وهو التقرير الذي أمضى القاضي السير جون تشيلكوت وفريق عمله 7 أعوامٍ كاملةٍ لإعداده، دون أن يؤدي في النهاية إلى إدانة رئيس الوزراء البريطاني وزعيم حزب العمال الأسبق توني بلير لدخوله حرب العراق دون مبرراتٍ كافية!
يتناول فيلم «أسرار رسمية» دور الموظفة السابقة في مكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية كاثرين غَن، في فضح تورط الحكومتين البريطانية والأميركية في محاولة التنصت على الدول ذات العضوية المؤقتة في مجلس الأمن إبّان غزو العراق وهي: أنغولا، بلغاريا، الكاميرون، تشيلي، غينيا وباكستان، لغرض التلاعب بالأصوات وشرعنة الحرب على العراق وإضفاء الصبغة الدولية القانونية عليها، حيث تكشف غَن وثيقةً موجهةً من فرانك كوزا، رئيس الأركان في قسم «الأهداف الإقليمية» في وكالة المخابرات المركزية لوكالة الأمن القومي الأميركية، إلى وكالة الاستخبارات البريطانية لغاية التنصت على الدول الأعضاء في مجلس الأمن، حيث تقوم غَن التي لعبت دورها كيرا نايتلي بإيصال الوثيقة إلى الصحافة عبر الناشطة المسلمة إيفون ريدلي، ليقوم مارتن برايت من صحيفة الأوبزيرفر، وهي صحيفة مؤيدة للحرب على العراق، بنشرها ولكن دون أصداء هامةٍ تعطل انضمام بريطانيا إلى الحلفاء «الغزاة».
اليوم وبعد 17 عامًا عجافًا من غزو العراق والإطاحة بنظام صدام حسين البعثي من قبل قوى التحالف الإمبريالي الذي تزعمته أميركا وشاركت فيه بريطانيا، لم تثمر أي مراجعاتٍ «إمبرياليةٍ» عن أي تحملٍ رسميٍ أو حتى اعترافٍ بالمسؤولية عن هذا الغزو الإمبريالي، ولكن كما كان الحال في غزو فيتنام سيظهر أدبٌ وستظهر سينما -اعتذاريةٌ إلى حدٍ ما- تسلط الضوء على الموبقات التي ارتكبت في سبيل تبرير حربٍ غير قابلةٍ للتبرير، ولكننا نلمس هنا -على الأقل لدى كيرا نايتلي بابتسامتها الساحرة- تخطيًا للرطانة الوطنية «الإمبريالية» الآسفة على ضحايا أبناء الوطن من الجنود «الإمبرياليين»، نحو أسىً حصريٍ على ضحايا البلد المتعرض للغزو، وهو العراق هنا في حالتنا، مع إشاراتٍ واضحةٍ لتجاوز السلطة الإمبريالية لكل القيود القانونية ولكل المعايير الديموقراطية لتبرير الغزو والتآمر على الشعوب. ولكن هل بإمكان هذا أن يكون «صفّارة تحذيرٍ» كما هي فعلة غن ومن بعدها إدوارد سنودن وسواهم، أم أنّه مجالٌ جديدٌ تقتحمه الفنون في إطار السوق الرأسمالية المفتوحة، خصوصًا ونحن نشاهد أثر تقرير تشيلكوت الذي أتى بلا شيء بعد 7 سنواتٍ كاملةٍ من العمل!