لم يبق من جائحة كورونا إلا “قانون الدفاع”!

– موقع عدالة وتحرر

كان الهدف من حظر التجول الجزئي والكلي خلال الموجة الأولى لكورونا في الأردن هو التغطية على سوء النظام الصحي، وكان الأمل أن تتم محاولة تحسينه خلال ذلك تحسبًا للموجة الثانية على أقل تقدير، وأن تبدأ كوادر الدولة بالتفكير جديًا في أهمية دورها الاجتماعي، وأهمية حماية نفسها من الصدمات النابعة من الاعتماد على الاستيراد الخارجي حتى في الحاجات الأساسية البسيطة التي نستطيع أن ننتجها وطنيًا إن كان ثمة سيادة وإرادة سياسية وخوف على الأمن الوطني للبلاد. إن ما نحتاجه هو دولة قادرة على أن تظل واقفة على أقدامها في ظروف صعبة واستثنائية مثل ظروف الوباء. نريد فقط أن نتعلم من درس لم ينته بعد ولم يحن الوقت لأخذ “الأوسمة” عليه. لكن ما حدث فعليًا هو أن الدولة لم تقدم على أي من ذلك. بل تم اتخاذ جائحة كورونا سبيًلا للتجارة الخارجية في المعدات الطبية على حساب نظام صحي متهالك محليًا، ويجري تفكيكه ببطء من خلال تقليص حصته من الميزانية العامة، هو والتعليم والبنية التحتية، امتثالًا لوصفات الدائنين الدوليين وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي.

إن محاولة كسب الشعبية لحكومات نيوليبرالية ونظام سياسي هش ينهش لحم مواطنيه إن دامت فلفترة مؤقتة سرعان ما تزول حين يطل شبح الواقع السيء أمام الناس، فمنذ البداية كان تخبط الحكومة، وتقصيرها، واضحًا. وكل مرة ترمي بتقصيرها هذا على المواطن ووعيه. من عرس إربد، إلى سائقي الشاحنات، إلى المراكز الحدودية وموظفيها في الجمارك وشركات التخليص وغيرهم. طيب، إن كنتم تروجون طوال الفترة الماضية على أن الإصابات كلها تأيتنا من الخارج، لتثبتوا نجاحكم في امتحان لم يحن موعده بعد، فإن أبسط ما يمكن فعله هو ضمان سلامة العاملين في الحدود، والحول دون إصابتهم ونقلهم العدوى بالشكل الذي نراه الآن. وإن لم تكونوا متنبهين لهم، مع أن هذا هو أول ما ينبغي النظر إليه، فإن سائقي الشاحنات ذكروكم بذلك منذ إصابة الخناصري، ولم تتخذ الحكومة أي إجراء سوى على السائقين. أما موظفو شركات التخليص، وموظفو الجمارك والأمن وباقي مؤسسات القطاع العام التي يعمل كوادرها في المراكز الحدودية، فقد تركوا حتى وقع الفأس في الرأس مؤخرًا وبتنا نرى أعداد إصابات غير مسبوقة في تاريخنا الوبائي “القصير”! ويجب أن تحاسب الحكومة على تقصيرها في ذلك، على عملها بنظام التجربة والخطأ، والفزعة، واللعب بصحة المواطنين ومصدر عيشهم لأجل ماذا؟ ليست كورونا ميدانًا لحصد رصيد شعبي يكاد يكون معدومًا من زمان. ولا مجالًا لتلميع عدد من الوزراء الذين أثبتوا فشلهم، وليس في جعبتهم غير الظهور أمام الكاميرات والتغني بمجد زائف لا يقدم من وضعنا ولا يؤخر.

انتهى كل شيء، ولم يبق من بهرجات الحكومة غير قانون دفاع بات وسيلة للبطش بكل جسم منظم ومنتخب ديمقراطيًا، وبكل صوت وطني معارض. من نقابة الأطباء، إلى اتحاد الطلبة في الجامعة الأردنية، إلى اعتقال النشطاء والسياسيين، إلى نقابة المعلمين؛ النقابة الأقوى والأكثر امتدادًا وشعبية في تاريخنا الوطني. هذه العقلية الثأرية التي تحرك النظام السياسي، والتي تخاف من التجارب الديمقراطية الحقيقية، ومن أي صوت يخرج عليها ويطالب بأدنى حق من حقوقه في العيش والحرية والكرامة، هي عنوان نضال نقابة المعلمين اليوم. إنها بإضرابها العام الماضي فتحت لنا ثقبًا في الجدار، ويريد النظام السياسي بعد أقل من عام أن يردم هذا الجدار على رؤوس فاتحيه. وبصمودها اليوم ومن خلفها الشعب الأردني كاملًا، ستفتح ثقبًا جديدًا، وتزرع روح العمل السياسي والنقابي المنظم في شعب تتهاوى عليه طبقة طفيلية متنفعة تريد أن تبقي على حلفها الطبقي الفاسد سالمًا من الانهيار. سالمًا منعمًا وغانمًا مكرّمًا.

عن عدالة وتحرر

نحو عدالة اجتماعية وتحرر وطني

شاهد أيضاً

عن الزراعة في الأردن: تاريخها القريب وواقعها الحالي

– لوحة الفنانة إسراء صمادي منذ حكم الدولة العثمانية وحتى يومنا هذا لم يتطور قطاع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *