– موقع عدالة وتحرر
فيما يصارع قادة نقابة المعلمين الموت، بعد قرابة شهرٍ من اعتقالهم وإغلاق نقابتهم وشروعهم في إضرابٍ مفتوحٍ عن الطعام، تسعى السلطة الدكتاتورية الحاكمة لتغيير مصفوفتها المعلنة للتعامل مع جائحة كورونا، لضمان افتتاح المدارس في موعدها المعتمد، بغية فرض إرادتها على المعلمين (الأعداء) والمجتمع (المعادي) الذي يقف في صفهم، في مجابهة التحالف الطبقي الفاسد وذراعه الحكومي الفاشي.
عقليةٌ انتقاميةٌ
بعد إضراب المعلمين التاريخي في أيلول الماضي، والذي خرجت منه النقابة منتصرةً على التحالف الطبقي الفاسد، ومعزّزةً بالتفافٍ شعبيٍ قلّ نظيره، كانت الحسرة وتعابير الهزيمة هي المهيمنة على التحالف الطبقي الفاسد، ولكنّ هذه الحسرة والشعور بمرارة الهزيمة، كانت محفّزًا للتحالف للقيام بهجمةٍ مرتدةٍ، مستغلًا ظروف جائحة كورونا للانقضاض على منجز الشعب الديموقراطي المتمثّل في نقابة المعلمين، في محاولةٍ لتصفيتها لفائدة بسط هيمنة الأكاديمية الكاملة على قطاع التربية والتعليم.
حجم التنكيل والقمع والتشهير الذي يتعرض له المعلمون عمومًا وقياداتهم في المجلس والفروع خصوصًا، لا يدلل سوى على عقليةٍ انتقاميةٍ مرضيةٍ ومجرمةٍ تقود تفكير وفعل هذا التحالف المستبد، كيف لا وهو يستغل جائحةً عالميةً تحصد أرواح البشر وتعطّل حياتهم وأعمالهم، لينفّذ انقلابه على هيئةٍ ديموقراطيةٍ ممثّلةٍ فعليًا للنّاس ولمصالحهم، فيما يروّج لانتخاباتٍ نيابيةٍ قشوريةٍ، يعرف الجميع بأنّها لا تتعدى كونها ديكورًا لتجميل سلطةٍ قبيحةٍ مستبدةٍ وفاسدةٍ.
ضد الأكاديمية
بعد كلّ هذه الأموال التي تصرف من الموازنة العامة لفائدة الأكاديمية، وبعد كلّ الجهات والهيئات المحلية والأجنبية التي تقدّم التبرعات السخية للأكاديمية، وبعد سحب الأكاديمية البساط من تحت وزارة التربية والتعليم، و قيامها بالكثير مما اعتادت أقسام الوزارة القيام به في التدريب والمناهج وسواها، بعد كلّ هذا من الصعب تصوّر وجود منافسٍ وطنيٍ يتبع لهيئةٍ ديموقراطيةٍ مهنيةٍ للأكاديمية، خصوصًا بعد سير أكاديمية النقابة في خطواتٍ عمليةٍ قد تؤدي لمزاحمة أكاديمية الملكة رانيا فيما يتعلق ببرامج تأهيل وتدريب المعلمين على الأقل.
تغوّل الأكاديمية لم يبدأ اليوم حتمًا، ولكنّه يعيش اليوم ذروة مجده مع وزيرٍ تابعٍ تمامًا لمشيئة الأكاديمية، ومع رئيس حكومةٍ متواطىءٍ سهّل سابقًا السطو على مديريات الوزارة السيادية في المناهج والتدريب، لفائدة تدخّلات برامج البنك الدولي الخاصّة بإصلاح التعليم في الأردن، ولفائدة هيئاتٍ مستقلةٍ (المركز الوطني لتطوير المناهج) وشركاتٍ (الأكاديمية)، وخدمةً لمشروع التحول النيوليبرالي في التعليم، المبني على انسحاب الدولة (الوزارة) من أدوارها الوطنية لصالح القطاع الخاص، بكل ما يستلزمه هذا التحويل من تحطيمٍ للوزارة والنقابة معًا.
على الرغم من كلّ هذه الهجمة الشرسة والمتوحّشة على المعلمين وعلى الشعب وعلى نقابتهم، إلّا أنّ التغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي عصفت بالبلاد خلال العقد الحالي، تنبئنا بصعوبة انتصار التحالف الطبقي الفاسد في هذه المعركة -أو في سواها- بحكم انفصاله التام عن الواقع الاجتماعي للنّاس، التي ملّت من الفساد والاستبداد الذي طالها، وبدأت تتململ محاولةٍ إزاحة قيودها واستلام زمام أمورها،ـ في إطار الحرب الشاملة التي تخوضها ضد التحالف الطبقي الفاسد وممثليه.