– موقع عدالة وتحرر
يخوض المجتمع الأردني معركة جديدة ضد مفاصل السلطة التي تحاول تفكيك مؤسسات الدولة. تتمثل هذه المعركة في رفض الأهالي والمعلمين للمناهج المترجمة التي تم طرحها على عجل، من قبل المركز الوطني لتطوير المناهج الذي أسس ليحل مكان وزارة التربية والتعليم في إعداد المناهج الأردنية، في خطوة جديدة من سلسلة ممنهجة لإفراغ الوزارة من مضمونها، فبعد سحب ملف تدريب وتأهيل المعلمين منها لفائدة أكاديمية الملكة رانيا، نشاهد اليوم سحب ملف إعداد المناهج من الوزارة وتسليمه لمؤسسة مستقلة هي المركز الوطني لتطوير المناهج، لتصبح الوزارة بذلك أشبه بدائرة لشؤون الموظفين ومراقبة انتظام الدوام الرسمي للمدارس لا أكثر!
ينطلق هذا النهج من املاءات برامج البنك الدولي في القطاع التعليمي، والتي كان آخرها برنامج إصلاح التعليم في الأردن لعام 2017، وهو ذات العام الذي صدر فيه نظام المركز الوطني لتطوير المناهج في عهد وزير التربية آنذاك عمر الرزاز، رئيس الوزراء الحالي والموظف السابق في البنك الدولي!
المثير للدهشة هنا هو الخبرات والكفاءات التي لطالما تمتعت بها وزارة التربية في تأليف وإعداد المناهج، والتي كانت العديد من الدول العربية تستعين بها لصياغة أطر مناهجها العامة، ليتم إقصاء كل هذه الكفاءات وتسليم مناهجنا لدار نشر بريطانية تزودنا بمناهج مترجمة لا تمت بصلة لبيئتنا الوطنية أو حتى التعليمية، وما تحرك الأهالي والمعلمين اليوم إلا رد فعل طبيعي على محاولات فرض هذه المناهج على أبنائهم الطلبة، الذين جعلوا حقل تجارب لأهواء المركز عديم الخبرة ومنعدم الارتباط بالميدان التربوي في الأردن!
على الحكومة اليوم أخذ احتجاج الناس بعين الاعتبار وعدم الرضوخ للاملاءات الخارجية “ومن يتنفع منها”، إن أرادت للعملية التعليمية أن تستعيد ألقها في إطارها الوطني الحقيقي، وليس في الإطارات الهيكلية المعدة مسبقاً من البنك الدولي، وإلا فإن الفشل هو مصير هذه المناهج المترجمة التي لم تراعِ ظروف بيئتنا ولا الصفات النمائية للفئة المستهدفة في الصفين الأول والرابع الأساسيين، على الحكومة هنا أن تغلب المصلحة الوطنية العليا لطلبتنا وتكف يد هذا المركز عن العبث بمصير أبنائنا، وتعيد بالتالي لوزارة التربية والتعليم دورها الوطني وتكف (أي الحكومة) عن كونها أداة لتفكيك مؤسسات الدولة الوطنية وتشويهها خدمة لصالح التحالف الطبقي الفاسد.